الديار -١٦/٢/٢٠١٥-مسيحيو لبنان.. في خطر
هذا ما قالته اوساط متابعة مشيرة بأن ما تعيشه المنطقة من أوضاع صعبة تفاقم من المخاطر الداهمة التي تتهدد المسيحيين في لبنان التي تجمع العديد من التقارير الدبلوماسية بأن دورهم ووجودهم ومستقبلهم في لبنان هو في ذروة الخطر واشد المراحل صعوبة في تاريخهم، خصوصا أن المشهد الذي وصل إليه المسيحيون في المحيط والجوار بفعل تنامي «الإسلام المتطرف» لا يبشر أبدا بالخير بل يستجلب الخوف والهلع والذعر على مستقبل المسيحيين في لبنان، سيما أن ما يجري في أرض العرب وتحت راية التطرف والتكفير من تدمير للكنائس والتعدّي جهاراً على ممتلكات المسيحيين وإلقاء المناشير التي تتهم النصارى في الكفر وانبراء بعض خطباء الجوامع في تهديد المسيحيين وتتوعدهم بالانتقام وبالعودة إلى العهود التي تتعامل مع المسيحيين كأهل ذمة ليس بالمكان البعيد عن لبنان بل هو في الجوار والمحيط الملتهب بصراعاته الإسلامية - الإسلامية التي يدفع فيها المسيحيون أكبر ألأثمان.
الأوساط أكدت بأن زيارة كبار المسؤولين الغربيين إلى لبنان حملت في طياتها مؤشرات ودلالات عديدة على أن هناك مخاوف غربية كبيرة على دور المسيحيين وموقعهم في النظام اللبناني وهذه المخاوف عبر عنها كبار الموفدين الدوليين في خلال جلساتهم المغلقة مع بعض المسؤولين اللبنانيين الذي استهيبوا هذه المخاوف خصوصا أن مسألة طرح أسماء المرشحين باتت تفصيلا عابرا أمام مسألة مدى قدرة النظام السياسي اللبناني على الاستمرار بصيغته الحالية في ظل استفحال الفراغ في موقع رأس الدولة المهددة بكل مفاصلها بتمدد هذا الفراغ ليشمل في وقت لاحق بقية مؤسساتها الدستورية.
وشددت المصادر على ان من استمع بدقة إلى ما تم طرحه من قبل كبار الزوار الدبلوماسيين لبيروت لا يمكن أن يستنتج سوى أن هناك خوفاً دولياً كبيراً وجدياً من خسارة الموارنة المسيحيين في لبنان لموقع رئاسة الجمهورية كما أنه لا يمكن لمن استمع أيضا إلى طروحات كبار الزوار الديبلوماسيين لبيروت سوى أن يستنتج بأن هناك خوفاً دولياً كبيراً من الخطر الإرهابي التكفيري الذي يتهدد المسيحيين في لبنان عموما وفي منطقة البقاع خصوصا، حيث ان هناك تقارير استخباراتية وأمنية عديدة تنذر وتحذر من حصول اعتداءات من قبل التنظيمات الإرهابية التكفيرية على قرى وبلدات مسيحية بقاعا قريبة من الحدود السورية. وبالتالي فان المسؤولين الدوليين دعوا الدولة اللبنانية والقيادات السياسية وعلى وجه الخصوص المسيحية منها أن تتعاطى مع هذا الخطر الحقيقي بكل جدية وذلك على قاعدة أخذ كل ما يلزم من خطوات وإجراءات لمواجهة وقوع الأسوأ في تلك المناطق التي تتربص بها التنظيمات الإرهابية التكفيرية شرا وعدواناً.
وتتابع بأن ما جرى في مدينة طرابلس من تطاول واستفزاز غير مقبول على المسيحيين ورموزهم الدينية وتحديدا على تمثال يسوع الملك الموجود في منطقة جونية منذ عشرات السنين من قبل أحد النواب المحسوبين على تيار المستقبل أي التيار الذي يدعي بأنه المرجع الأكثر تمثيلا ومناداة للاعتدال في لبنان، يدل في مكان ما بأن الحالة السلفية والأصولية التي خرج منها كبار التكفيريين الإرهابيين كشادي المولوي وأسامة منصور وغيرهما من الإرهابيين الذين عاثوا فسادا في عاصمة الشمال وفي الاعتداء على الجيش اللبناني وهيبة الدولة اللبنانية، هي حالة وجدت بدعم ورعاية من قبل بعض المرجعيات السياسية التي باتت اليوم عاجزة عن ضبط تلك الحالة السلفية والأصولية المتطرفة ووضع حدٍ لها، خصوصا أن ما صرح به ذلك النائب جهارا ودعا فيه بإزالة تمثال يسوع الملك يدل أيضا على استسهال لدى هؤلاء السلفيين الأصوليين في التطاول على المسيحيين في مدينة طرابلس التي شهدت في الآونة الآخيرة رسم وكتابة تهديدات على أبواب الكنائس ورمي المناشير التي تهدد المسيحيين وغيرهم في المدينة بقدوم «تنظيم داعش الإرهابي»، وهذا أمر خطير يتناقض مع رسالة لبنان ودستوره ونظامه السياسي القائم على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين وعلى احترام التعدد والتنوع واحترام خصوصية الآخر.
المصادر أشارت الى ان ما شهدته ساحة النور، التي هي في الأساس كان اسمها الحقيقي ساحة الرئيس الراحل عبد الحميد كرامي، من تهديدات وتجاوزات من قبل الحركات الاسلامية السلفية الأصولية التي اعتصمت وهددت بالويل والثبور اعتراضاً على ازالة اللافتات الاسلامية من المدينة تنفيذا للخطة الأمنية التي تتولاها القوى الأمنية بموجب قرار مجلس الوزراء الذي يرأسه رئيس سني وبإشراف وزير الداخلية الذي بدوره ينتمي إلى الطائفة السنية الكريمة هو نموذج صارخ على الوضع السيىء الذي وصل إليه المسيحيون في لبنان سيما أن تاريخ طرابلس البعيد والقريب يؤكد بأنها مدينه تعايش لا يقل فيها دور وحضور المسيحيين عن المسلمين بشيء، إلا أنه في العقود الثلاثة الأخيرة وبعد أن أصاب التهميش القوى المسيحية في لبنان، وفي ظل تصاعد وتنامي موجات الحراك السلفي الأصولي التكفيري في المنطقة العربية الذي انتقل بتأثيراته وانعكاساته المباشرة على لبنان عموما ومدينه طرابلس خصوصا أدى إلى تصاعد قوة وهيمنة الحضور الإسلامي الأصولي التكفيري على مدينة طرابلس التي باتت بتنوعها وتعددها وبيئتها الحضارية اسيرة هذا المناخ السلفي الأصولي الذي يفرض سطوته بالترهيب على سائر أرجاء المدينة وذلك برعاية واحتضان بعض المرجعيات السنية المعتدلة التي ذهبت بعيدا ولغايات انتخابية وشعبوية إلى احتضان وتمويل مثل تلك التيارات السلفية، وهذا مما لا شك فيه ترك آثاراً شديدة السلبية وعواقب وخيمة على نسيج مدينة طرابلس وتاريخها الوطني الذي حتما لا ينتمي بأي شكل من الأشكال إلى هذا المناخ المتزمت والمتعصب الغيبي الذي يريد فرض طقوسه وتعاليمه ونمطه على أجواء المدينة برمتها التي شهدت انكفاءً وتراجعا خطيراً على صعيد الحضور والدور المسيحي الذي لطالما كان له دائما بصمة مشرقية متميزة متنورة وعصرية على مر العصور في مدينة طرابلس التاريخية.
Envoyé de mon Ipad
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Bienvenu