mardi 2 juin 2020

Haute Galilee




قضى الرب يسوع فترة طويلة من أيام خدمته , متجولاً في أقليم الجليل , يعظ الناس , و يشفي مرضاهم . و حول بحيرة الجليل , تناثرت عدة مدن مكتظة بالسكان . بدأ الرب يسوع خدمته , في مدينة كفر ناحوم , التي يعمل معظم سكانها في صيد اﻷسماك . و قد اكتسبت تلك المدينة شهرة , لوقوعها على الطريق الروماني بين مصر و دمشق . و لبحر الجليل , أسماء آخرى , هي بحيرة طبرية و جنيسارت .

أردن
بتولمايس
بيت صيدا
بيت عنيا
تابور
يرموك
يزرعيل
جرجاسة
جرشون
جليل
جليل، (بحر الـ ~)
جنيسارت
جنيسارت
جولان
حولة، (بحيرة الـ ~)
ديكابوليس
سورية
سيتوبوليس
طبرية
قانا

كفرناحوم كورزين مجدل ناصرة
يافا
أردن:
يُسمّى الاردن في العهد القديم : يَردن، دومًا مع أداة التعريف : ها يردن، ما عدا في أي 40 :23؛ مز 42 :7. يتكوّن الاردن (في لبنان) في جنوبي حرمون من نهر بانياس (نبعه في حرمون) ونهر اللدان (نبعه قرب تل القاضي). وينضم إليهما نهر الحاصباني (نبعه في حرمون). يعبر الاردن سهلاً خصبًا فيكوّن بحيرة الحولة أو بحيرة ميروم. ويترك بحيرة ميروم ويجري انطلاقًا من جسر بنات يعقوب نحو الجنوب عبر مجرى صخرّي، فيصب في بحيرة جنّاسرت. ويخرج من الزاوية الجنوبية الغربية لبحيرة جنّاسرت ويصل عبر تعرّجات طويلة إلى البحر الميت. في طريقه يصب فيه روافد أهمها يرموك، يبوق. هناك 110 كلم بين بحيرة جنسارت والبحر الميت، ينزل فيها النهر من 208 م تحت سطح البحر إلى 390 مترًا. هذا القسم من نهر الاردن، يسمّى الغور (غور العرب)، وفيه سلسلة من الواحات الخصبة التي كان يسكنها في الماضي الأُسود (إر 49 :19؛ 50 :44؛ رج 12 :5). يسمي العهد القديم هذه المنطقة أعالي "كبرياء، زهو" (زك 11 :3). ونحسّ بالبحر الميت من بعيد فيتحوّل المنظر إلى صحراء مقفرة. فبين بحيرة جنّاسرت والبحر الميت نستطيع أن نعبر الاردن عند مجازات خاصة قرب بيت شان وأريحا (يش 2 :27؛ قض 3 :28؛ أم 19 :19، 32)، الدامية (أدمة : قض 12 :5)، بيت بارة (قض 7 :24) بيت عنيا (يو 1 :28). وإن الاردن يشكّل حدودًا بين كنعان وشرقي الاردن. وخلال التاريخ البيبلي نراه يفصل بين سكان الضفتين ولا يوحّد. شكّل الأردن حدود الأرض المقدّسة، فصار بدوره مقدّسًا. فهناك موضوع بيبليّ (موضوع الأردن) يمتزج بنصوص الشريعة والاخبار التاريخيّة، ويتلوّن بلونها بانتظار أن يفرض نفسه عليها. ففي البنتاتوكس وبعض نصوص يشوع، يظهر دور الأردن بشكل واضح كالحدّ الفاصل بين أرض الموعد وغيرها (عد 34 :11-12؛ رج يش 23 :4؛ حز 47 :18). وهو بالتالي يشكّل حدود القبائل التي أقامت في كنعان : ابنا يوسف (يش 16 :7)، بنيامين (يش 18 :12، 19، 20)، يساكر (يش 19 :22). وشمالي بحر طبرية نجد نفتالي (يش 19 :35). في أخبار سفر التكوين، اعتُبر سهل الأردن خصبًا، فشكّل للوط تجربة سقط فيها. أما ابراهيم فلم يسقط (تك 13 :10-13). وكانت لابراهيم مغامرة حربيّة شرقيّ الأردن عاد بعدها إلى غربيّ الأردن (تك 14 :14-15). أمّا موقع المذابح والأشجار المقدّسة فهي كلّها في كنعان، في غربيّ الأردن. ويعقوب الذي كان في الشرق لم يبنِ هناك أي مذبح (تك 32 :3، 31)، وذلك بعد صراعه مع الربّ. فإقامته الطويلة والمفيدة في عبر الأردن، لم تكن بالنسبة إليه سوى منفى سوف يتركه سريعًا (تك 32 :11). والطقوس الجنائزيّة التي تتمّ في شرق الأردنّ تنتهي بالدفن في حبرون (تك 50 :10-13). كلّ هذا يعكس فكرة ثابتة عن أرض الموعد وحدودها. ففي أخبار الاحتلال مع يشوع، يحاول النصّ مرارًا أن يبيّن أنّ إقامة قبيلتين ونصف قبيلة في شرق الأردنّ أمرٌ شرعيّ. فقد تمّ بأمر موسى ومساعدة كل بني اسرائيل (عد 32 :5-32؛ تث 3 :8-9؛ يش 13 :8-32). هكذا تمّ وهكذا تنظّم كما يقول تث 4 :41-49؛ يش 20 :8؛ 21 :27، 36-39. فالمحاربون تبعوا يشوع متضامنين تضامنًا كلّيًّا، وتابوت العهد في المقدّمة نحو الضفّة الغربيّة، فردّوا لإخوتهم الخدمة التي نالوها منهم (يش 1 :12-18). ولكن بما أنه ليس للضفة الشرقيّة ذات الطابع القدسيّ، فقد بنت القبائلُ هناك مذبحًا (يش 22 :4-34). إذن، الحدود القدسيّة لا تفرض نفسها على سكن بني اسرائيل وحياتهم اليوميّة. لهذا، يُسمح لهم أن يعيشوا خارج الأرض المقدّسة. أن نكون هنا أمام نظرة مثاليّة، فواضح من عدد كثير من النصوص في قض وفي 1-2صم. فكل ما نستطيع قوله هو أن التضامن بين بني اسرائيل يتّضح حين يذهب أبناء ضفّة لمساعدة أبناء ضفّة أخرى كما حدث في جلعاد. ولكن بجانب المغامرات القبليّة، هناك مغامرات أخرى يقف فيها الأنبياء بشكل له دلالته، بالنسبة إلى الأردنّ. فموسى ما استطاع أن يعبر النهر رغم توسّلاته الدامعة (تث 3 :25-27؛ 4 :21-22؛ 31 :2). وذلك في نهاية حياته. وهكذا بدا سفر التثنية وكأنه وصيّته الأخيرة، وقد قال ما قال عند الضفّة الشرقيّة (تث 1 :1-5؛ 11 :30-31). حُذِّر بنو اسرائيل من تجارب يتعرّضون لها (تث 9 :1). وحين يبنون المعابد يدلّون على أنهم صاروا شعبًا ناضجًا (تث 12 :10؛ 27 :2، 4، 12). عندئذٍ تكون الخيارات حاسمة (تث 30 :8-19). لهذا، لا بدّ من تعليم الأجيال الآتية، لأن حياتهم ستكون على المحكّ (تث 31 :3؛ 32 :47). يبدو أنّ هذه النصوص دوّنت بعد المنفى، في أرض بابل. ساعة زالت قبائل وراحت أخرى نحو الزوال. ولكن يبقى أن شريعة موسى تأخذ في ذاتها الماضي البعيد والمستقبل القريب، فتقدّم الأرض المقدّسة كوعد ومحنة، وتنظّم حياة الشعب في كل زمان ومكان. أتمّ يشوع المواعيد أولاً حين عبّر بني اسرائيل الأردن (يش 1 :2؛ 2 :7-10؛ 3 :1-17؛ 24 :11). وقد روت كرونيكة من القرون الوسطى كيف أن الجبل انهارَ، وقُطع النهر ساعات عديدة سنة 1267. ولكن مهما يكن من أمر (وقد يكون الكاتب الملهم أبرز الأمور وعظّمها فجعل الشعب يمرّ في الربيع وفيضان النهر، لا في الخريف وجفافه)، فالخبر البيبليّ لعبور الأردن قد جاء في أسلوب خاص واستلهم تطوافات تابوت العهد في حياة الشعب. وهو قريب جدًّا من خبر عبور البحر الأحمر الذي يتقابل معه : فالدخول إلى أرض الموعد يقابل الخروج من أرض العبوديّة. وإيليا وُلد في عبر الأردن، في شرقيّ الأردن، في جلعاد، واستعدّ هناك لرسالته النبويّة (1مل 17 :1-7). وبعد أن طهّر الأرض المقدسة من عبادة بعل بأقواله وأعماله، عبر النهر من جديد ليأخذه الله إليه بعد أن أخذته عاصفة رمليّة (2مل 2 :6-13). ومعجزة المياه التي انفتحت لتترك إيليا يمرّ، سوف تنفتح أيضاً من أجل تلميذه أليشع. هذا ما يدلّ على أنّ للخبر معنًى روحيًّا : فإيليا يشبه موسى في أمور عديدة (1مل 19). فالنبوءة، شأنها شأن الشريعة، تأتي من الخارج ولا تزال تحمل الخلاص للشعب العائش في المنفى. غير أنّ خبر نعمان الأرامي يدلّ على أن لمياه الأردن طابعًا مقدّسًا يتيح لها أن تطهّر الغريب من برصه. وهكذا عاد ذاك الذي هو "عدوّ" إلى بيته بعد أن حمّل على بغليه ترابًا من الأرض المقدّسة (2مل 5 :1-17). وفي الأسفار الحكميّة، نجد تلميحات نادرة إلى الأردن، وهذا ما يدلّ على أنّ هذا النهر لا يحتلّ في ذاكرة اسرائيل الناشطة، المكانة التي يحتلّها البحر (مز 141 :3-5؛ سي 24 :26). ونقول الشيء عينه عن الكتابات المنحولة، حيث لا يُذكر النهر إلاّ بصورة عابرة وبمناسبة توسّع في التوراة. وحدها "سيرة آدم وحواء" تقدّم إشارة أصيلة : تاب آدم وحواء عن خطيئتهما فغطسا في المياه أيامًا طويلة، هي في دجلة وهو في الأردن. هنا نتذكّر عماد المهتدين إلى اليهوديّة، واغتسالات الأسيانيّين اليوميّة، والتوضؤ الطقسيّ الذي ما زال يُعمل به في العالم اليهوديّ. غير أنّ ذكر الأردن هنا قد يكون مدسوسًا بيد مسيحيّة. في العهد الجديد، يمكن أن نعتبر كرازة المعمدان على شاطئ الأردن كتنشئة توضح دوره كإيليّا الجديد (مت 3 :5؛ لو 3 :3؛ رج يو 1 :28؛ 3 :26). وحين يقول مت ومر إنّ يوحنا يعمّد التائبين في النهر (مت 3 :6؛ مر 1 :5)، نفهم أنّ الخاطئ يبدو كمنفيّ، ولو أقام في أرض إسرائيل. فعليه أن يتطهّر من خطيئته عابرًا النهر من جهة إلى أخرى : فالحدود الماديّة ترمز إلى الحدود الروحيّة. وحين يتبع يسوع بدوره الطريق عينها، يصبح المشهد معبّرًا سواء ارتبط بالحدث أو بمبادرة الإنجيليّين (مت 3 :13؛ مر 1 :9؛ لو 4 :1). لهذا قام أوريجانس وتبعه آباء كثيرون وأسرة من المخطوطات اليونانيّة، فجعلوا محل "بيت عنيا" (يو 1 :28)، "بيت عبارة" الذي قد يكون مجازًا ارتبط بمرور يشوع. وفي شكل مماثل، جعل متى ومرقس يسوع يصل إلى عبر الأردن قبل أن يبدأ مسيرته الملوكيّة نحو أورشليم لينال فيها معموديّة أخرى مؤلمة (مز 10 :38-39؛ رج مت 19 :1؛ لو 12 :50). وفي التقليد المسيحيّ، احتلّ الأردنّ مكانة هامة في العبادات التي تمارس في الأرض المقدّسة. يكفي أن نذكر الأديرة والمناسك بجانب النهر، حيث الرهبان يتذكّرون موسى وإيليا. كما نشير إلى اغتسال المسيحيّين الشرقيّين الذي كانت روسيا ترسلهم جماعات. وفي أيامنا، يتابع العرب والقبارصة واليونان التقليد عينه بقدر ما تسمح لهم السلطات العسكريّة. وفي الفنّ المسيحيّ ولا سيّما في الإيقونوغرافيا، يصوّر النهر بشكل بشريّ على مثال الأنهر التي ألّهها الوثنيّون.

بتولمايس:
رج بطلمايس.

بيت صيدا:
بيت الصيد. بلدة على الشاطئ الشماليّ لبحيرة جناسرت. موطن الرسل فيلبس وأندراوس وسمعان بطرس (يو 1 :44؛ 12 :21). في بيت صيدا شفى يسوع أعمى (مر 8 :22-26). ولكنه أعلن أسفه عليها كما على البلدات المجاورة (كورزين، كفرناحوم) لأنّ أهلها لم يؤمنوا ولم يتوبوا (مت 11 :21). جعلها هيرودس فيلبس مدينة (يو 1 :44) وسمّاها يوليا على اسم ابنة اوغسطس. المكان القفر الذي كان مسرح أوّل تكثير للخبز (مر 6 :31 وز؛ يو 6 :1-11) هو قريب من بيت صيدا. كانت يوليا حيث التلّ على الشاطئ الشماليّ الشرقيّ للبحيرة. ولكن آثار ضيعة الصيّادين قد غطّتها الأوحال التي يحملها الأردنّ ويصبّ في هذا المكان من البحيرة.

بيت عنيا:
بيت العناء والحزن. 1) بلدة على السفح الشرقيّ لجبل الزيتون. هي في العهد القديم عننيا (نح 11 :32). اليوم : العازارية. تبعد 3 كلم عن أورشليم على طريق أريحا (يو 11 :18؛ مر 11 :1؛ لو 19 :29). كان لسمعان الأبرص بيت هناك (مت 26 :6). استضاف فيه يسوع وجاء ت امرأة فسكبت الطيب على رأس المعلّم. ذهب يسوع إلى بيت عنيا مرارًا قبل آلامه، وقضى هناك بعض لياليه (مت 21 :17؛ مر 11 :11). في بيت عنيا عاشت مرتا ومريم. وفيها أقام يسوع لعازر من الموت (يو 11 :1 ي). تُذكر بيت عنيا في دخول يسوع إلى أورشليم (لو 19 :29؛ مت 21 :17) وصعوده إلى السماء (لو 24 :50). 2) يو 1 :28. المكان الذي كان فيه يوحنا يعمّد. الاسم العبريّ : بيت عينون (بيت العيون) أو بيت عنيا (أي بيت السفن). وهناك مخطوطات ونصوص آباء تقول : بيت بارة (أو بيت العيون)، عربه (بيت العربة، رج يش 15 :6؛ قض 7 :24). قد تكون اليوم تل الموشى.

تابور:
) جبل على حدود قبائل يساكر وزبولون ونفتالي (588م فوق البحر). هناك جمع باراقُ جيشه قبل أن يهاجم سيسرا (قض 4 : 6، 12، 14). وهناك مات إخوة جدعون في معركة ضدّ مديان (قض 8 : 18). تابور يرمز إلى العظمة والقوّة. لهذا يشبَّه بالكرمل (إر 46 : 18) وحرمون (مز 89 : 13). لا شكّ أنّه كان معبدٌ على قمّة جبل تابور (هو 5 : 1؛ رج تث 33 : 19). هناك تقليد يعود إلى القرن 3 ويعتبر أن تابور هو جبل تجلّي يسوع (مر9 : 2-8). 2) مدينة في زبولون. تقع على حدود يساكر (يش 19 : 22). أعطيت للاّويّين من عشيرة مراري (1أخ 6 : 62). تقع على سفح جبل تابور. 3) سنديانة تابور (1صم 10 : 3).

يرموك:
الوادي المقدس (هيروميخوس في اليونانية). رافد شرقي الاردن. لا تذكره البيبليا. بل المشناة (فره 8 :10؛ رج التلمود بابا بترا 74ب). لا يمكن أن تستعمل مياهه في خدمة الهيكل، لأنها آتية من أرض وثنيّة. هناك سواق عديدة تنبع في حوران وتكوّن اليرموك الذي يصب في الاردن جنوبي بحيرة طبرية. اسمه الحالي : شريعة المناذير.

يزرعيل:
الله يزرع 1) سهل يمتد شمالي غربي فلسطين. هو اليوم : مرج ابن عامر. اسمه في العهد القديم من اسم مدينة يزرعيل التي على حدوده. يشكّل سهلُ يزرعيل مثلَّثاً بين جبل الكرمل والجلبوع والجليل. يسقيه قيشون وروافده. كان سهل يزرعيل معبراً مهماً من الشرق إلى الغرب عبر جبال غربي الاردن. وكانت تحميه حصون عديدة : مجدو، تعناك، يبلعام، شونم، بيت شان. وكان أيضا مسرحاً تقليدياً للمعارك في فلسطين (قض 4 :12-5 :31، باراق؛ 2مل 22 :29ي : يوشيا). 2) مدينة على حدود سهل يزرعيل. في الاصل كانت تابعة لشونم. ولكنها اتخذت أهمية كبرى حين بنى فيها اخاب قصره (1مل 21 :1). في يزرعيل قُتل نابوت (1مل 21 :1-16)، وأُفنيت عائلة أخاب (2مل 9 :16-10 :11). الاسم الهليني للمدينة والسهل : اسدرالون. الاسم الحالي : زرعين التي تبعد 25 كلم إلى الجنوب الشرقي من يافا. يجعلها أوسابيوس القيصري في "الاسمائيات" بين سيتوبوليس (بيت شان) ولاجيو، القريبة من مجدو. لم تعرفها مصادر الألف الثاني. كانت مدينة ليساكر (قض 19 :18). سيطر عليها الكنعانيون مدة طويلة بسبب مركباتهم (يش 17 :16؛ قض 1 :27). 3) مدينة في جنوبي شرقي يهوذا (يش 15 :56؛ 1أخ 4 :3؛ 1صم 25 :43). 4) اسم رمزي لبكر النبي هوشع (هو 1 :4).

جرجاسة:
اسم يرد في بعض مخطوطات لو 8 :26. يقول إيرونيموس إن جرجاسة هي مدينة قرب بحيرة طبريّة. ولكن أوريجانس يشك في صحة الاسم. رج جرجاسيون أو * جرجاشيون.

جرشون:
رج تك 46 :11؛ خر 6 :16 ي؛ 1أخ 5 :27؛ 6 :1 ي. هو بكر لاوي. جدّ المجموعة اللاويّة، أي جدّ الجرشونيّين ومن يتفرّع عنهم : لبني، شمعي (خر 6 :17؛ عد 3 :18؛ 1أخ 6 :2). يقول عد 3 :16-26 عدد الجرشونيّين (بني جرشوم) (7500)، وموقع تخييمهم قرب المسكن، ورئيس عائلتهم الياساف، وعملهم في المسكن. ويصوّر عملهم بالتفصيل في عد 4 :21-28؛ رج 10 :17. يعدِّد يش 21 :27-33؛ 1أخ 6 :56-61 مدن الجرشونيّين (بني جرشوم) حسب يشوع. في قبيلة منسّى : جولان، عشتاروت (بصره). في قبيلة يساكر : قشيون، دبرة، يرموث، عين جنيم. في أشير : مشآل، عبدون، حلقت، رحوب. في نفتالي : قادش (في الجليل)، حموت، قرتان. وحسب 1أخ، جولان، عشتاروت (منسى)، قادش، دبرات، راموت، عانيم (يساكر). ماشال، عبدون، حقوق، رحوب (أشير)، قادش (الجليل)، حمّون، قريتايم (نفتالي).

جليل:
اسم يونانيّ للقسم الشماليّ من جبل غربيّ الأردن. ترجع جليل إلى العبريّة "جليل" التي تعني مقاطعة، بقعة. مثلاً في يش 13 :2. كلّ جليلوت فلشتيم. أي كل بقاع الفلسطيّين (رج يوء 4 :4). واستعملت الجليل كاسم علم لمقاطعة فلسطين الشماليّة في يش 20 :7؛ 21 :32؛ 1أخ 6 :61 (مع قادش). في أيام سليمان الذي قدّم 20 مدينة من أرض الجليل إلى حيرام، ملك صور (1مل 9 :11-13)، كانت المنطقة واقعة بين الحدود الشماليّة لسهل يزرعيل ونهر القاسميّة. وبعد مزج السكان الأصليّين مع العناصر الوثنيّة التي جاء بها تغلث فلاسر (2مل 15 :29؛ طو 1 :1-2)، صار الكتاب يتحدّث عن جليل الأمم (إش 9 :1؛ متى 4 :15). في أيام المكابيّين، كان اليهود قلّة في الجليل (1مك 5 :4-23). كانت الأرض في ذلك الوقت في يد مدن فينيقيّة. بعد أن احتلّ بومبيوس فلسطين، صارت الجليل مقاطعة في مملكة يوحنا هرقانوس الثاني (عاصمته : صفوريّة) ثمّ في مملكة هيرودس. بعد موت هيرودس، شكّلت الجليل مع بيرية، تتراخية هيردوس انتيباس (4 ق.م.-37 ب.م.). بعد ذلك، ضُمّ الجليل إلى مملكة هيرودس أغريباس الأول (39-44). ثمّ حكمه والٍ رومانيّ يقيم في قيصريّة. أهمّ مدن الجليل المذكورة في العهد الجديد هي : * بيت صيدا، * قانا، * كفرناحوم، * الناصرة، * طبريّة. بالنسبة إلى بحيرة جنيسارت (مت 14 :34؛ مر 1 :16؛ 7 :31؛ يو 6 :1) رج * جناسرت. على المستوى الجغرافي والاداريّ، امتدّت الجليل شرقي الاردن، من بيت شان (سيتوبوليس) حتى بحيرة الحولة. في الغرب حدّها الساحلُ الممتدّ من صور إلى جابا. وإذا وضعنا جانبًا موضعه الصالح للتبادل التجاريّ، فالجليل لا يشكّل وحدة طبيعية : نستطيع أن نرى فيه ضمن مناطق : السهل الساحليّ، الجليل الأعلى، سهل يزرعيل (من بيت شان إلى جبل الكرمل)، الأردن. حسب الكرونولوجيا في الأناجيل الإزائيّة، مارس يسوع رسالته الأولى في الجليل. أما إذا تبعنا يو، فيبدو أن يسوع تنقّل من اليهوديّة إلى الجليل (4 :43-47؛ 4 :54؛ 7 :9). عُرف أهل الجليل بطريقة كلامهم (مت 26 :73؛ رج مر 14 :70؛ لو 22 :59). واعتبر الجليل منطقة لم تعطِ نبيًا واحدًا (يو 7 :52). إن يهوذا ابن غامالا الذي يعتبر مؤسِّس شيعة الغيورين قد سمّي الجليليّ (أع 5 :37). هذا يعني أن اللفظة ارتدت رنّة سياسيّة مع المفهوم الجغرافيّ. في هذا المجال، كان حديث عن ثورة الجليليين على هيرودس (يوسيفوس، العاديات 14 :45؛ رج لو 13 :1).

جليل، (بحر الـ ~):

JoseT Khoreich

lundi 17 février 2020

دعوة لبنان التاريخية البطريرك بشاره الراعي

دعوة لبنان التاريخية

  البطريرك بشاره الراعي

الرسالة العامة الثانية  2013 - إيمان وشهادة - الجزء الثالث

عيد البشارة 25 آذار 2013

 

الفصل الثالث   

دعوة لبنان التاريخية  - لبنان مهد ثقافة عريقة

27. مسيحيو لبنان مدعوون، باعتبارهم أصحاب تجربة في حوار الحياة والثقافة والمصير مع المسلمين، إلى شهادة أكبر على تعلّقهم بإيمانهم بكرامة الإنسان التي من أجلها عملوا لقرون من الزمن، حتى حققوا مع شركائهم المسلمين بلدًا يقوم على صيغة فريدة كرّست الوحدة في التعدّد من دون تهميش أيِّ مكونٍّ فيها. وفي الوقت عينه أرسوا علاقات مع البلدان العربية، على قاعدة الأخوة والتضامن من ضمن احترام سيادة كل بلد. في هذا الوقت بالذات على مسيحيي لبنان ومسلميه أن يلعبوا دورًا رياديًا في المنطقة، بأن يقنعوا الآخرين بأهمية النموذج الذي أوجدوه معًا. فهم خبروا كل أوجه الحياة معًا، حتى التقاتل بعض الأحيان، لكن التاريخ قد برهن أن لبنان إما أن يكون بجناحيه أو لا يكون. لذلك إن "الربيع اللبناني" المسيحي-الاسلامي، هو الباب الذي يجب اجتيازه، رغم هشاشته بعض الأحيان، لبلوغ "ربيع عربيحقيقي وسليم، لا يكون بابه العنف والحرب والممارسات الإرهابية.

28. تبرز دعوة لبنان التاريخية في مستهلّ الإرشاد الرسولي "رجاء جديد للبنان"، حيث يقول البابا: "أشرتُ إلى أنّ التزام المسيحيّين أمرٌ هام للبنان،́ الذي تتّسم جذوره التاريخية بالطابع الدينيّ. وبحكم هذه الجذور الدينية للهويّة اللبنانية الوطنيّة والسياسيّة، أتيح لنا وأردنا أن نعقد بعد سنيّ الحرب القاسية جمعيّة سينودسيّة، للبحث معاً عن السبيل إلى تجديد الإيمان، وإلى تعاونٍ أجدى، وشهادةٍ مشتركة أكثر فاعليّة، من دون إغفال إعادة بناء المجتمع̀̀ ". وأضاف: "لبنان بلد طالما اتّجهت إليه الأبصار. لا يمكننا أن ننسى أنّه مهد ثقافة عريقة وإحدى منارات البحر الأبيض المتوسّطفلا يستطيع أحد أن يجهل اسم بيبلوس التي تذكّر ببدايات الكتابة". هذان التأكيدان هما في أساس دعوة لبنان التاريخية ورسالته في المحيط العربي وتجاه الغرب.

المحافظة على خصوصية لبنان

29 . وكان البابا يوحنا بولس الثاني قد اشاد بالخصوصية اللبنانية وأهمية المحافظة عليها في رسالة وجّهها إلى اللبنانيين في أوّل ايار 1984، كتب فيها: "سنوات الحرب الطويلة يجب ألاّ تنال من ثقتكم بلبنان. فهو قيمة حضارية ثمينة: ولنفكّر في ما الإنسانية جمعاء مدينة له منذ عهد الفينيقيين البعيد، من دون أن ننسى تلاقي الأديان، والحوار الثقافي بين شرق وغرب، والمبادرات المسكونية، والحرية، والتفاهم والضيافة وانفتاح الروح، إنّ هذه كلّها كانت القيم التي نهض عليها لبنان الأمس، وهي في أساس لبنان الغد. وإنّ مجتمعاً تنعشه مثالية ديموقراطية، متعددة، وله تراث ثمين، لا يمكن أحداً أن يسلّم بأن يراه في طريق الزوال. ولا تستطيع جميع البلدان، صديقة السلام والحرية إلاّ أن تقدّم دعمها للبنان، لتساعده على استعادة وجهه الأصيل، وهذا ما سيكون عمل اللبنانيين وحدهم، وهو عمل يقتضي له صبر وسخاء"[22].

30. وفي رسالة وجّهها إلى جميع أساقفة الكنيسة الكاثوليكية في العالم، بتاريخ 7 أيلول 1989، طالباً منهم تخصيص يوم صلاة شامل من أجل لبنان، كتب: "إنّ الكنيسة، بهذه المبادرة الروحية، تريد أن تُظهر للعالم أنّ لبنان أكثر من بلد. إنّه رسالة حرية ونموذج في التعددية، للشرق كما للغرب... علينا أن نبيّن التقاليد الغنيّة والعريقة في التعاون بين المسيحيين والمسلمين في هذا البلد التي جعلت منه، إلى زمن بعيد، نموذجاً للعيش معاً، يتميّز بالتعاون المتبادل، والحوار والتوافق في خدمة الإنسان. هذه شروط لا بدّ منها للحرية والسلام واحترام كرامة الشخص البشري. لقد أصبح القبول بهذه التعددية وممارستها قيمة اساسية في مسار تاريخ لبنان الطويل. إذا زال هذا البلد، فإنّ قضيّة الحرية بالذات هي التي تُصاب بالفشل المفجع"[23].

31. هذه الأقوال تبيّن حقيقة هوية لبنان ودعوته التاريخية بأنه كما سمّاه المجمع البطريركي الماروني "شراكة بين مسيحيي لبنان ومسلميه، شراكة الثقافة وشراكة والمصير"، على أساس العيش معاً بالمساواة والتكافل والتضامن. هذه الثلاثة هي بمثابة حجر الزاوية للبناء اللبناني. ويضيف المجمع البطريركي الماروني أنّ "هذا النموذج اللبناني أجرى تحوّلاً تاريخيّاً في العلاقة المسيحية - الإسلامية بالمطلق. فقد نقلها من التوتّر وعدم التكافؤ إلى التوافق والتكامل. وكان لكنيستنا المارونية دور حاسم في إرساء هذا النموذج. وسيبقى دورها مصيرياً في صيانته من العثرات"[24].

هذا الدور المنوط بوحدة اللبنانيين الداخلية، يمكّنهم من الإسهام في إخراج العالم العربي من مخاضه الحضاري إلى إقرار الوحدة في التعدّد والحريات العامّة، والعمل بمقتضيات العدالة والسلام وحقوق الإنسان ولا سيّما حقوق المرأة، ومنح الجماعات حقوقها بحكم المواطنة، وتعزيز التوافق بين جميع مكوّنات البلاد وتربية المواطنين عليه وإدراجه في القوانين.

32. خصوصية لبنان تقتضي المحافظة على جناحيه المسيحي والمسلم، بحيث يشكّل كلّ واحد منهما على تنوّعه وغناه، قيمة مضافة، تؤلّف جمال التنوّع في الوحدة. هذا ما يُسمّى "بالفسيفساء اللبنانية" المُعبّر عنها "بالعيش المشترك" أو "العيش معاً".

كل ذلك يشكّل دعوة لبنان التاريخية في محيطه العربي، وفي الأسرة الدولية. يرمز إلى لبنان ذاك "النسرالذي رآه حزقيال (500 سنة قبل المسيح)، وقال عنه: "إنّ نسراً عظيماً ذا جناحين عظيمين، طوال القوادم، الممتلئ ريشاً، الموشّى بالألوان، قد أتى لبنان واستقرّ على ناصية الأرز؟" (حز 17: 3).

الصيغة الميثاقية

33. وما يعزّز هذه الخصوصية تميّز نظام لبنان عن سواه، بين بلدان الشّرق الأوسط، بميثاقه الوطني الذي ارتضاه المسيحيّون والمسلمون في دولة مدنية، قوامها جمع من دون اتحاد وتمييز من دون انفصال بين الدين والدولة. والصيغة التي اختصرت الميثاق تعبّر عن هذا الأمر: "لا للشّرق ولا للغرب"، أي "لا" للذوبان في المحيط العربي و"لا" للتبعية للغرب، ممّا يعني بتعبير اليوم: "لا" للتيوقراطية أو الأحادية و"لا" للعلمنة السلبية. وتطورت هذه الصيغة سنة 1958 بـ"لا غالب ولا مغلوب" تعبيرًا عن أن اللبنانيين يريدون دولة تكفل حق الجميع، لا دولة تقف عند حدود التوافق بين الطوائفعكست المادة التاسعة من الدستور اللبناني إرادة اللبنانيين في قيام هذا النظام المتوسّط بين حق الطوائف واستقلالية الدولة في الحقل العام، إذ تنصّ: "حرية الاعتقاد مطلقة، والدولة بتأديتها فروض الإجلال لله تعالى، تحترم جميع الأديان والمذاهب وتكفل حرية إقامة الشعائر الدينية تحت حمايتها، على أن لا يكون في ذلك إخلال في النظام العام، وهي تضمن أيضاً للأهلين على اختلاف مللهم احترام نظام الأحوال الشخصية والمصالح الدينية".

34. إن غاية الميثاق الوطني الأساسية هي المساواة والعدالة بين مكونات الوطن الواحد، لتحقيق عيش معًا حقيقي، قائم على الثقة والاعتراف المتبادل، ووحدة المصير. لذلك فالميثاق يتخطى مستوى التساكن إلى منطق التواصل والتفاعل والإغناء والمشاركة، من دون إلغاء الخصوصيات والفوارق التي تصبح مصدر غنى للجميع[25]. وتجسيدًا لأبعاد الميثاق وضع اللبنانيون صيغة المشاركة المتوازنة في الحكم وإلادارة، باعتماد "المناصفة بين المسيحيين والمسلمين. واذا كانت الوظيفة تقنية، روعيت فيها الكفاءة. وكان التوافق على ان يكون رئيس الجمهورية مارونياً، ورئيس مجلس النواب شيعياً، ورئيس مجلس الوزراء سنّياً. والصيغة تعتمد في الدستور قاعدة التساوي بين المسيحيين والمسلمين في توزيع المقاعد النيابية (المادة 24)، وتشكيل الوزراء (المادة 95،أ)، وتعيينات وظائف الفئة الاولى وما يعادلها (المادة 95، ب). لكنها انحصرت بتوزيع المسؤوليات العامة على جميع الطوائف بالانصاف، وكان يؤمَل من هذه الصيغة تأمين استقرار الكيان وتحقيق الديموقراطية وازدهار الاقتصاد، لو تطوّرت حسب مقتضيات الحداثة والتجربة التاريخية"[26].

استكمال الدولة المدنية 

 35. يتبيّن من الصيغة الميثاقية أنّ لبنان دولة مدنية، غير دينية، بمعنى انه لا يعتمد دينًا للدولة، ولا كتابًا دينيّاً، الانجيل او القرآن، كمصدر للتشريع، ولا يحصر السلطة السياسية والقضائية والعسكرية الكبرى بدين او بمذهب، خلافًا لكل البلدان في منطقتنا ذات النظام الديني او التيوقراطي. لقد أعطي اللبنانيون مهمة مشتركة هو استكمال تحقيق هذه الدولة المدنية  لكن لبنان، المكوَّن من طوائف ومذاهب اسلامية ومسيحية، يتأثّر الى حدٍّ بعيد بما يجري في محيطه. ونتائج هذا التأثير تحرّك العصبية الطائفية والمذهبية الذي يرافقه الخوف من غياب الصوت المعتدل الذي هو صوت الاكثرية الاسلامية في بلدان الشرق الاوسط، وخصوصاً لبنان.

ومع هذا، ما زال مفهوم الدولة في لبنان سليماً، لأنها لا تستمد سلطتها من الدين، بل من المواطنين. لبنان دولة مبنيّة على "سلطة الشعب"، كما تنصّ مقدّمة الدستور: "الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة التي يمارسها عبر المؤسسات الدستوريّة"(بند "د"). انها دولة قائمة على حقوق الانسان، بغضّ النظر عن دينه أو عرقه أو مستواه الاجتماعي. فمقدمة الدستور تنصّ على أنّ لبنان "ملتزم مواثيق منظّمة الأمم المتّحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. والدولة تجسّد مبادئهما في جميع الحقول والمجالات دون استثناء" (بند ب). ومواد الدستور تنصّ أيضاً على الإقرار بالحرية الشخصية (م 8)، وحرية المعتقد (م 9)، وحرية التعليم (م 10)، وحرية إبداء الرأي قولاً وكتابة، مع حرية الطباعة وحرية الاجتماع وحرية تأليف الجمعيّات" (م 13). كما أنّ الدستور يؤكّد على أنّ "كلّ اللبنانيين سواء لدى القانون، وهم يتمتّعون بالسواء دون ما فرق بينهم" (م 7)، وأنّ "لكلّ لبناني الحقّ في تولّي الوظائف العامّة، ولا ميزة لأحد على الآخر إلّا من حيث الاستحقاق والجدارة حسب الشروط التي ينصّ عليها القانون" (م 12).

ميزة لبنان التمايز والاستقلالية بين الدين والدولة، في الصيغة والهيكلية والوسائل.  ويقوم في الوقت عينه تعاون بين الاثنين وتفاهم وتضافر جهود من أجل الخير العام وخير الإنسان[27].

ومن خصوصية لبنان انه يعتمد الديموقراطيّة التوافقيّة، لا العدديّة الطائفيّة، لكونه مجتمعاً تعدُّدياً. وهو يدرك أنّ الديموقراطية العددية القائمة على أساس طائفي لا تضمن للمواطنين تمثيلهم الفعلي في الدولة بصفتهم المواطنية، بل بانتماءاتهم الطائفية؛ كما أنّها قد تُستخدم أداة لقهر الأقليّات. فيأتي التمثيل لصالح الأكثرية الطائفية عمليّاً، الأمر الذي يشكّل خطراً على الطوائف القليلة العدد. وقد يؤدّي أيضاً إلى الارتكاز على الأكثرية العددية لتغيير الدستور، والتضييق على حرية المعتقد، وفقدان التمثيل السياسي الصحيح للطوائف التي يتكوّن منها لبنان. لذلك اعتمدت الدولة المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، "كجناحَين يطير بهما لبنان"، وأُسندت رئاسة الدولة إلى مسيحي من أجل حمايتها كدولة مدنيّة لا تعارض الدين، وتتجنّب تحويلها إلى دولة دينية، تحت تأثير محيطها[28].

36. من أجل استكمال الدولة المدنية في لبنان، ينبغي قبل كلّ شيء تطبيق الدستور بمضمونه وروحه، وتفعيل المؤسسات الدستورية وعمل المجالس والأجهزة الرقابية، منعاً للفساد وهدر المال العام، وفرضًا لمهابة الدولة بتعزيز قدراتها، فتكون دولة قويّة وقادرة على تأمين حقوق المواطنين وحمايتهم. كما يجب الحدّ من تدخل السياسيين في الإدارة، ومن الولاء للطائفة أو لأصحاب النفوذ فيها. ولا بدّ من تربية المواطنين منذ صغرهم، على الانتماء الكامل والمخلص للدولة أوّلاً وآخراً.

استكمال الدولة المدنية لا يُفرض فرضاً، بل ينبع من الداخل كعقد اجتماعي يتوافق عليه اللبنانيون، ويحصّنونه بقيم مشتركة. وبهذا يضعون حدّاً لخلافاتهم، وتكفّ الفئات اللبنانية عن أن تفرض أي منها رأيها على الآخرين، أو أن تهيمن على غيرها.

وينبغي قيام مركزية قويّة وفعّالة ومحايدة عن الطوائف والتيارات السياسية، تكون قادرة على حفظ حقوق المواطنين، مع مراكز قرار متعدّدة ومتعاضدة داخل هيكلية الحكم، فضلاً عن إنشاء اللامركزية الموسّعة التّي من شأنها أن تخلق إطاراً لتخفيف الصراع السياسي في الدولة المركزية، وتكون حافزاً لإبعاد السياسيين عن العمل الإداري داخل الدولة المركزية.

 37. من أجل هذا المسعى، دعونا إلى عقد اجتماعي جديد، يكون عقدًا تقر فيه الجماعات صراحة أن خيارها النهائي الدولة، بعدما جربت كلّ منها الدويلة أو الاستئثار السياسي بالدولة. في العقد التأسيسي للبنان ارتضينا الكيان كل بحسب ما فسر انتماءه إليه، لكن الرضى تم. يبقى ارتضاء الدولة أفقًا نهائيًا لجميعنا، وهو أمر لم يتم بعد بشكل حاسم، ولا يخفى ذلك، لأن الأحداث المتسارعة على أرض لبنان والاحتقان الحاصل والتشاطر في السياسة، إضافة إلى الميل الدائم للإستقواء بالخارج، والانخراط في المحاور الإقليمية والدولية، تشير بوضوح إلى أزمة خيار تجاه الدولة.وهذه الأزمة تفسّر ما قيل يومًا "أننا استقلينا دستوريًا لكننا لم نست     قل تاريخيًا"، أي أن تاريخ الجماعات لم يترك للدولة بعد مجالاً بأن تكون هي الأفق الحقيقي والضامنة الوحيدة لتحقيق ما تصبو إليه. فقبل كل شيء نحن بحاجة إلى التصالح مع مفهوم الدولة

لبنان يحتاج إلى زيادة في كمية الولاء للدولة. بعد ذلك إلى رسم حدود واضحة لالتزامه بالقضايا العربية حتى لا تعرّض سيادته أو استقراره للتدهور. فلبنان يساند قضايا العرب بقدر ما يحافظ على خصوصيته، ويناصر قضايا السلام والوئام في العالم بقدر ما يتألق نموذج عيشه المشترك.

38. أن التحولات التي تشهدها المنطقة تشكل حافزا للبنانيين لكي يعملوا على إجراء الإصلاحات اللازمة لتدعيم هذه الخصوصية، ورفع شأن الدولة التي تبقى هي الملاذ الأمين للحفاظ على عيشهم المشترك، لأن الواقع يشير إلى تراجع في التمسك بالدولة. فاللبنانيون والمسيحيون خصوصًا معنيون بتحصين الدولة لأنها ثمرة جهد تاريخي، ولن يرحم التاريخ من يخرج على الدولة أو يعبث بها. أليس مستغربًا أن العالم العربي يبحث عن الدولة في حين أن اللبنانيين يتخلون عنها.

حياد لبنان الايجابي والملتزم بمحيطه

 39. إنّ خصوصية لبنان الميثاقيّة ونموذجية عيشه المشترك تستدعيان إعلان حياد لبنان الإيجابي الذي يجعل منه، كما قال البابا يوحنا بولس الثاني "إحدى منارات البحر الأبيض المتوسّط"، مكانًا مميزًا للتلاقي ولحوار الأديان والحضارات، وعنصر استقرار وسلام في الشرق الاوسط، وواحة فريدة لشعوبه، إذ يولي اهتمامًا خاصًا للقضايا الدولية كعضو ملتزم في منظمة الأمم المتحدة، والقضايا العربية كعضو فاعل في جامعة الدول العربية، في كل ما يختص بالسلام والعدالة والتفاهم بين الشعوب. كما ويسهم هذا الحياد في خدمة الشرق الأوسط على المستوى الثقافي والمالي والاقتصادي والعمراني، وفي تقليص الهجرة، ويسهّل لأبنائه المنتشرين في العالم مجالات الإستثمار والعودة إلى ربوعه.

40. وحده لبنان الحيادي يعطي السّلطة احتكار القوة بيدها دون سواها، فيعيش لبنان بسلام داخلي ومع الدول القريبة والبعيدة، من دون أن يُهَدِّد أحداً، أو يُهدَّد من أحد. كما يحصّن العيش المشترك ضمن التعددية في الوحدة، ويكون بالتالي مثالا يحتذى به في دول الشرق الأوسط ، في زمن العولمة والحداثة.

نحن نعتقد أنَّ إعلان حياد لبنان حاجة لبنانية وعربية، ومطلب ينبغي أن تتبنّاه الأسرة الدولية  لكي يصبح مكان اللقاء بين الشرق والغرب، بحكم موقعه الجغرافي وصيغته الميثاقية، ومركزا دوليا لحوار الأديان والحضارات، تعترف به منظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية. وفي زمن السعي إلى تحقيق "ربيع عربيحقيقي،  يكون نموذج لبنان الحيادي طريقًا مضمونًا إليه.

*      *    *

الخاتمة

 41. الايمان والشهادة يشكلان محور سنتنا الثالثة في الخدمة البطريركيةإيمان متجدّد بالمسيح، المخلص والفادي، وشهادة لمحبته، كما كتب قداسة البابا السابق بندكتوس السادس عشر في رسالة الصوم الكبير لهذه السنة: "الايمان هو معرفة الحقيقة وقبولها (راجع 1 طيم 4:2) ، والمحبة هي السير في الحقيقة وعيشها (راجع افس 15:4)؛ بالايمان ندخل في الصداقة مع الله، وبالمحبة نعيش هذه الصداقة وننمّيها؛ الايمان يجعلنا نقبل وصية المسيح الرب والمعلم، والمحبة تملأنا فرحًا باتمامها؛ بالايمان نميّز عطايا الله، وبالمحبة نثمّرها" (الفقرة 2).

اننا نكل هذا العزم الى حماية أمنا مريم العذراء، سيدة البشارة، و"باب السماء"، طالبين منها ان تشفع لنا عند ابنها. ونستودع المسيح الإله "سنة الايمان"، راجين أن تكون زمن نعمة وتّجدد، "وبابًا مفتوحًا لا يقدر أحد ان يغلقه" (رؤيا 8:3)، باب الايمان والمحبة، باب الرجاء والسلام.

عن كرسينا في بكركي، عيد بشارة العذراء مريم، 25 آذار 2013.

+الكردينال بشارة بطرس الراعي

 بطريرك انطاكية وسائر المشرق

---------------------------------------------------------------------------------------------------

[22] أنظر كتاب: البابا ولبنان، ص. 62 – منشورات جامعة سيدة اللويزة، تحقيق الأب جان مارون الهاشم.

[23] المرجع نفسه، ص. 127-128.

[24] النص المجمعي: حضور الكنيسة المارونية في النطاق البطريركي، 21 و22.

[25] النص المجمعي 19: الكنيسة المارونية والسياسة، 36-37.

26 شرعة العمل السياسي، ص 29-30

[27] "شرعة العمل السياسي" تتوسع في هذا الموضوع. راجع الصفحات 11-17

" شرعة العمل السياسي" تتوسع في هذا الموضوع.

راجع الصفحات 11-17

28 روجيه ديب: لبنان المستقر، صفحة 131-144    
JoseT Khoreich