Expéditeur: "ZENIT" <info@zenit.org>Date: 1 juillet 2016 20:13:01 UTC+Objet: المسيحيون والمسلمون: موضوع رحمة الله وأدواتها...
كلمة الدكتور محمد السمّاك بعنوان الرحمة في العلاقات الاسلامية – المسيحية وقال:
"ليست هذه المرة الأولى التي يوجّه فيها الفاتيكان رسالة أخوّة الى المسلمين مهنئاً ومباركاً بشهر رمضان وبعيد الفطر. وإن تسمية الرسالة بأنها رسالة أخوة، ليست توصيفاً شخصياً من عندي. البابا بولس السادس، ثم البابا يوحنا بولس الثان ، والبابا بنديكتوس السادس عشر، وأخيراً البابا فرنسيس .. جميعهم خاطبوا المسلمين بأنهم أخوة . والواقع انه منذ "الفاتيكان الثاني" ، ووثيقة "نوسترا ايتاتي" التي صدرت عنه ، اصبح الخلاف مع المسلمين في نظر الكنيسة الكاثوليكية خلافاً مع الإيمان بالله الواحد الذي خلقنا جميعاً. وهذه العبارة أيضاً ليست توصيفاً شخصياً من عندي، انها النص الحرفي لما جاء في تلك الوثيقة التاريخية في عام 1965."
تابع "منذ ذلك الوقت أو بعده بقليل، اصبحت رسائل المعايدة السنوية للمسلمين تقليداً فاتيكانياً نتوقعه في كل عام مع اطلالة شهر رمضان . ولكن ما تجاوز حسن توقعاتنا كمسلمين هو ما ذهب اليه البابا الراحل يوحنا بولس الثاني عندما دعا المسيحيين الى مشاركة المسلمين في صيام اليوم الأول من رمضان. لتكون هذه المشاركة مبادرة روحية رمزية تعبيراً عن الايمان بالله الواحد وبالوطن الواحد، وبالعيش الواحد."
أضاف "تجسدت هذه الرمزية التزاماً أخلاقياً وموقفاً مبدأياً في مناسبات متعددة وفي ظروف مختلفة أشير على سبيل المثل والمثال معاً الى موقفين تاريخيين أعلنهما البابا القديس يوحنا بولس الثاني. الموقف الأول بعد الجريمة الارهابية في 11 سبتمبر – ايلول 2001 والتي كانت أساساً ومنطلقاً لاتهام الاسلام بالارهاب. يومها صدر عن لقاء عقد برعايته في الفاتيكان موقف يقول : " لا يوجد دين ارهابي ولكن يوجد ارهابيون في كل دين ". وفي اعتقادي ان ذلك كان أبلغ رد يصدر من أعلى مرجعية دينية مسيحية في العالم يسفه اتهام الاسلام بالارهاب."
تابع "أما الموقف المبدأي الثاني فقد صدر في أعقاب اجتياح الولايات المتحدة للعراق في عام 2003 ، وهو الاجتياح الذي وصفه الرئيس الأميركي في ذلك الوقت جورج بوش بأنه " صليبية جديدة" . يومها صدر عن البابا يوحنا بولس الثاني نفسه موقف أخلاقي سامٍ قال فيه "ان هذه الحرب ليست دينية. وهي غير اخلاقية وغير مبررة". وفي اعتقادي انه لم يرتفع الى مستوى أخلاقية وصدقية هذا الموقف اي موقف آخر."
وقال "لقد تعمدت الاشارة الى ذلك وبهذه المناسبة بالذات بعد أن قرأت تصريحاً لمسؤول تركي يتهم فيه البابا فرنسيس بأنه يمارس صليبية جديدة لمجرد انه وصف ما تعرّض له الأرمن في تركيا العثمانية في عام 1916 بالإبادة."
ورأى أن تختلف تركيا اليوم مع الفاتيكان حول توصيف تلك المجزرة التاريخية البشعة، فذلك موضوع سياسي خاص بالدولة المعنية. أما ان تحمل العلاقات الاسلامية مع الفاتيكان، ومع البابا بالذات، ومع البابا فرنسيس على الأخص الذي فتح قلبه وكنيسته للناس جميعاً، وزر هذا الموقف ، فذلك أمر آخر. إن التفاهم القائم على المحبة والاحترام والتعاون مع البابا فرنسيس يعني كل المسلمين الحريصين على إقامة افضل علاقات الأخوة مع الفاتيكان. والذين يعتبرون البابا فرنسيس شخصياً وكما اكدت ذلك زيارة إمام الأزهر الشريف الشيخ أحمد الطيب الى الكرسي الرسولي ، مرجعاً روحياً وأخلاقياً موثوقاً يمكن الاعتماد عليه ويمكن الاستناد اليه والاستقواء به لرد الاتهامات العشوائية التي تنهال على الاسلام من كل حدب وصوب ، وحتى من داخله."
أردف "لتركيا كدولة حق الدفاع عن نفسها . والاعتراف بالحقيقة هو أفضل أنواع الدفاع عن النفس . ولكن ليس لها ، ولا لأي دولة أخرى عضو في منظمة التعاون الاسلامي أن تحمّل الاسلام ومسلمي العالم والعلاقات الاسلامية المسيحية ، أوزار أو تبعات أي موقف سياسي تتخذه دفاعاً عن مصالحها." ثم انه لا يجوز استخدام الصليبية "شماعة" لتعليق التوترات التي تواجه علاقات طرف اسلامي ما بالأطراف الدولية الأخرى. فالقرن الواحد والعشرين ليس القرن العاشر والبابا فرنسيس ليس البابا اوربان."
وقال "من حيث المبدأ لا يجوز اطلاق تهمة الصليبية على كل جهة تختلف مع جهة اسلامية في الرأي أو في الموقف السياسي . فكيف اذا كان صاحب هذا الرأي ، او هذا الموقف ، هو فاتيكان نوسترا إيتاتي .. وفاتيكان البابا فرنسيس ؟ وبأي منطق يوجه الاتهام بالصليبية الى من يوجه رسالة تهنئة الى المسلمين ، والى من يقول في رسالته :
" إنه لمن دواعي الرجاء أن نسمع عن مسلمين ومسيحيين يضعون أيديهم في أيدي بعضهم البعض لمساعدة المحتاج. وعندما نعمل سوياً، فإننا نُتمّ وصيّة هامّة توصينا بها كل من ديانتينا ونقدّم، أفراداً وجماعات، شهادة أكثر مصداقيّة لما نؤمن به ".
أودّ أن أختم بالاشارة الى أمرين متكاملين وردا في رسالة التهنئة الفاتيكانية هذه ، يتمثل الأمر الأول في قول الرسالة : "نحن نعلم ان المسيحية والاسلام ديانتان تؤمنان بإله رحيم .. وان رحمة الله تتجلى على وجه الخصوص عندما يغفر لنا ذنوبنا ". أما الأمر الثاني فيتمثل في قول الرسالة ايضاً : نحن مدعوون مسيحين ومسلمين الى الاقتداء بالله تعالى."
وختم بالقول شكراً لسيادة الكاردينال جان لويس توران رئيس المجلس الباباوي للعلاقات بين الأديان وصديق لبنان ومحبه .. وشكراً لسيادة المطران ميغل أنخيل أيوزو أمين سر المجلس والذي قضى زهرة شبابه في الشرق يعمل على بناء التعاون الاسلامي – المسيحي . شكراً لهما على رسالة التهئنة باسم قداسة البابا فرنسيس .. حامل اسم القديس فرنسيس الذي تسامى فوق الحملات الصليبية وفتح صفحة مشرقة في سجل الحوار الاسلامي – المسيحي حتى اثناء تلك الحملات البغيضة ."
وختم "فمن منطلق الرحمة خرج القديس فرنسيس ، وكان راهباً متواضعاً ، من بين صفوف القوات الصليبية الى المعسكر الاسلامي محاوراً وليس مقاتلاً .. ومن منطلق الرحمة أيضاً استقبله المسلمون وأحسنوا وفادته وحاوروه .. ثم أعادوه سالماً من حيث أتى ، محملاً بالهدايا الملكية. تلك هي ممارسات الرحمة التي "توصينا بها كل من ديانتينا" ، كما جاء في الرسالة البابوية. فالرحمة ، وكما جاء في الرسالة أيضاً " موضوع عزيز على قلوب المسلمين والمسيحيين سواء بسواء " ، بها نمارس إيماننا وانسانيتنا .. وبها نقتدي بالله خالقنا جميعاً . وبها نتمثل بجلاله . وبها نتصل به ونتواصل معه."
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Bienvenu