As-Safir Newspaper - حلمي موسى : «محور الشر» يتفكك
يبدو أن وزارة الخارجية الإسرائيلية بدأت تغير موقفها من «خطورة» إيران، فقد نقلت صحيفة «معاريف» أمس عن تقدير لموقف الوزارة أن إيران باتت أقل خطورة مما كانت عليه بسبب تفكك ما تسميه إسرائيل بـ«محور الشر». وأوضح التقدير أن قدرة إيران على الرد على هجوم إسرائيلي على منشآتها النووية، وضرب إسرائيل ضعفت بشكل حاد، جراء التفكك المتسارع للحكم المركزي في سوريا وضعف «حزب الله» كنتيجة لذلك. وبينت «معاريف» أن هذا التقدير أعده مركز البحوث في وزارة الخارجية، وعُرض في مؤتمر السفراء الإسرائيليين الذي أنهى أعماله في القدس المحتلة أمس.
وأشارت «معاريف» إلى أنه وفقاً لهذه التقديرات، إذا وقعت مواجهة عسكرية بين إسرائيل وإيران، لن يشارك الجيش السوري فيها. ولا يقل أهمية عن ذلك، أن احتمالات انضمام «حزب الله» إلى المواجهة تقلصت جداً؛ إذ سيواجه الحزب معضلة شديدة حول ما إذا كان الانضمام إلى المواجهة مجدياً من دون السند السوري، وفي ظل خطر هائل على مكانته السياسية داخل لبنان.
وذكرت أن إسرائيل استعدت على مدى السنين لمواجهة الخطر المركزي عليها في الجبهة الشمالية التي كانت تتشكل من إيران، وسوريا و«حزب الله»، ونالت تسمية «محور الشر». ولكن كل هذا تغير في أعقاب الحرب الأهلية الطويلة في سوريا، التي أدت عملياً إلى تصفية «محور الشر» هذا.
ونقلت «معاريف» عن مسؤول كبير قوله إن «قدرة الضرر الذي تلحقه إيران بإسرائيل، رداً على هجوم من جانبنا، انخفضت دراماتيكياً، فالرد الإيراني سيكون أشد ضآلة مما كان متوقعاً، لو أن الجبهة الشمالية واصلت الوجود».
وبحسب التقديرات في مركز البحوث السياسية في وزارة الخارجية، الذي يعتبر جهاز استخبارات الوزارة، فإن القتال في سوريا بين الجيش والمعارضين قضى على الجيش السوري كما كان معروفاً، وليس هناك تخوف من حرب قد تندلع بين النظام السوري وإسرائيل. كما أن استمرار الصراع داخل سوريا أضعف «حزب الله»، الذي انقطع عنه مورد الوسائل القتالية التي اعتاد عليها من سوريا ومن إيران أيضاً. وعلى مدى السنين كان التقدير في إسرائيل أن إيران تبني القدرات العسكرية لـ«حزب الله» ليساعدها في مواجهة مستقبلية مع الدولة العبرية.
وفضلاً عن ذلك، يرى التقدير أن «حزب الله»، الذي غدا كياناً سياسياً مهماً داخل لبنان، يملك أيضاً أملاكاً اقتصادية مهمة في البلاد، وهو يخاف الآن من انه إذا دخل في مواجهة محتملة بين تل أبيب وطهران، فإن إسرائيل ستدخل بشكل كثيف إلى لبنان في محاولة لتصفيته. وبالتالي، ومن دون دعم سوريا، وبسبب التقلص الكبير لشحنات الوسائل القتالية من إيران، أصبح «حزب الله» عرضة للإصابة.
وتقدر الإدارة الأميركية أيضاً بأن «حزب الله» لن يسارع بالضرورة إلى التخلي عن ذخائره داخل لبنان، فينضم إلى المواجهة التي قد تندلع بين تل أبيب وطهران في أعقاب ضربة إسرائيلية للمنشآت النووية في إيران.
وفي الموضوع السوري، وبرغم زوال خطر المواجهة العسكرية بين الجيشين السوري والإسرائيلي، إلا أنه يسود في إسرائيل قلق من تفكك الدولة. وهناك خشية من أن يؤدي ذلك إلى تعزيز جماعات إرهابية من الجهاد العالمي، توجه القدرات التي حشدتها ونشاطها نحو إسرائيل. كما انه بحسب التقدير السائد في أوساط محافل التقدير في إسرائيل، لا يمكن معرفة متى تنتهي المواجهة داخل سوريا، بل انها قد تستمر لزمن طويل آخر.
وبالنسبة للساحة الجنوبية، فان التقدير في وزارة الخارجية هو أن وضع إسرائيل تحسن، وان مصر ستبذل جهدا كي لا تسمح لحركة حماس بالقتال ضد إسرائيل. فضلا عن ذلك، فان مصر لن تسمح لحماس بان تجرها إلى مواجهة مع إسرائيل. أما الدافع المركزي لمصر فهو الحاجة إلى الانتعاش من الناحية الاقتصادية. واختصر موظف كبير في القدس الأمور قائلاً: «وضعنا الاستراتيجي في المنطقة تحسن جدا، سواء في الجبهة الشمالية أم في الجنوب».
غير أن المعلق الاستراتيجي في «معاريف» عمير ربابورت، حذر من أن ادعاء أن وضع إسرائيل الاستراتيجي الآن أفضل مما كان عليه، هو ادعاء «تبسيطي إن لم نقل إنه غير صحيح».
ولاحظ انه في ما يتعلق بالمحور الإيراني السوري مع «حزب الله»، فلا ريب انه شهد ضعفاً، كما أن براغماتية «الإخوان المسلمين» في مصر وأثرهم في غزة يعتبران عاملاً مشجعاً.
ورأى ربابورت انه على المدى القصير لا وجود لخطر الحرب مع سوريا ومصر، مشيراً إلى أن وقف إطلاق النار من جانب «حزب الله» ليس ناتجاً من الردع الإسرائيلي، وإنما جراء قرار إيراني بعدم خوض مغامرة مع إسرائيل حتى «يوم الدين». ولكن إيران تتقدم في خطتها لامتلاك سلاح نووي.
وخلافاً لتقدير الخارجية الإسرائيلية، يشدد ربابورت على أنه لدى إيران و«حزب الله» أسلحة ثقيلة، تجعل من الصعب على منظومة القبة الحديدية أو منظومة حيتس مواجهتها، في حالة هجوم إسرائيلي على إيران.
ويخلص ربابورت أيضاً إلى أن الصورة العامة في مصر غير مشجعة أيضاً. فتثبيت حكم «الإخوان المسلمين» يقود إلى تذويب اتفاقية السلام تدريجياً، والتحول من جديد إلى عدو. كما أن الوضع في الأردن ليس مستقراً، واحتمال سقوط النظام الهاشمي يشكل كابوساً أمنياً لإسرائيل. وفي الضفة الغربية تعزّز الفهم بأن الكفاح ضد إسرائيل هو الطريق الأصح.
ولكن ما هو أخطر من كل ذلك، في نظر ربابورت، هو أن الولايات المتحدة، وهي السند الرئيسي لإسرائيل، لم تعد القوة العظمى الوحيدة ولا كلية القدرة كما كانت في الماضي.
Envoyé de mon iPad jtk
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Bienvenu