samedi 3 mai 2014

ليكن الاعتذار من المسيحيين مطلباً إسلامياً شعبياً عاماً - غادة فؤاد السمّان - النهار

ليكن الاعتذار من المسيحيين مطلباً إسلامياً شعبياً عاماً - غادة فؤاد السمّان - النهار

ليكن الاعتذار من المسيحيين مطلباً إسلامياً شعبياً عاماً

28 نيسان 2014

لم أعتد الغدر بذاكرتي، بل لطالما احترمتها بكل ما فيها من مخزون موثق حبراً وحرفاً وصوراً ومشاهد ومواقف ومعارك وصفحات وحلفاء وخصوم واشكاليات، وإن كره المنافقون او انفجروا تحت طائلة الغل والغيظ الفادحين، هكذا أجد نفسي تباعاً في مواجهة كل لحظة من لحظات الأزمة السورية التي طالت وتمادت وأرخت بظلمها وظلامها على عموم المشهد السوري ظاهراً في العمران المدمّر، وباطناً في الانسان المهدوم ككيان وجسد وكبرياء ووجدان ومواطنية. أتوقف هذه المرة عند ازمة الأزمات الفادحة والفاضحة وهي "الوضع المسيحي الراهن في سوريا" وأدين بالفكرة للاعلامي القدير والنزيه فعلاً "د. زياد نجيم" الذي اعطاني شرف المشاركة وهو يناقش بجرأة وموضوعية في برنامجه "استرجي" المخاوف المسيحية والتهديد الأمني والمصيري للمسيحيين بعد تنامي الفكر الاسلامي التكفيري كحالة مستفحلة من حالات الامراض الشائعة، والأوبئة الفكرية المستشرية في المنطقة العربية، والتي تحتاج فعلياً الى علاج لم يعد يحتمل المسكّنات، بل لا بد من الاستئصال والبتر والوضوح في كشف العلة المتفاقمة التي طالت المواطن السوري المسيحي اولا في الاعتبار كمواطن، ثانياً كمنتمٍ الى المسيحية في الاعراف الاجتماعية والدساتير والتي تضمن له في وطنه وعلى ارضه ان يمارس طقوسه الدينية ومعتقداته الشخصية وفق اختيار حر مستقل، غير مأمور او تابع الا لقناعاته الذاتية، وهذا حق مشروع من حقوقه المدنية والشرعية، التي يقرها القانون والدستور السوري منذ اصداره وحتى آخر تعديل، فما استجد على هذه المنظومة الاجتماعية المتعارف عليها؟ ما استجد هو الذهنية الاجرامية المريضة المقيتة الضحلة التي نشبت عند حواف الفكر الديني الاسلامي... ولمّت شمل جميع المهيضين والواهنين فكرياً و"اسلامياً"، فالمجتمع العربي عموماً، والسوري خصوصاً، شهد التعايش بين الاسلام والمسيحية منذ عهد الرسول الكريم.

وقد ورد ذلك بوضوح تام في القرآن الكريم [لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي] سورة البقرة: [الآية: 256] وايضاً قوله تعالى: [ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي احسن] سورة العنكبوت: [الآية: 46].
كما جاء في وثيقة الصلح بين الرسول ونصارى نجران: "ولا يُغيّر اسقف من أسقفيته، ولا راهب من رهبانيته، ولا كاهن من كهانته، وليس عليه دنيِّة"، والدنيَّة: تعني النقيصة او الذنب – (انظر: الخراج لأبي يوسف – ص 78).
ومن بعده جاءت معاهدة – الخليفة الفاروق – مع اهل القدس النصارى.
فمن اين تأتي تجاوزات وتعديات المتأسلمين الجدد على مسيحيي اليوم، وقد صانهم الاسلام في اهم دستور اسلامي وهو القرآن الكريم وفي احاديث الرسول الكريم محمد، ولو اردت احصاء الآيات الكريمة والاحاديث الشريفة لاحتجت الى صفحات وصفحات، فهل حقاً هذه الفرق التكفيرية التي تعيث فساداً في الكنائس والممتلكات المسيحية ناهيك بالقتل والخطف والاضطهاد والتهجير متحدية بأفعالها المشينة الفقه الاسلامي بكل ما فيه من أحكام وتعاليم، هي حقاً مبنية على عقيدة اسلامية وقناعات دينية خالصة، ام هي محض غايات دنيوية لمطامع ودناءات تتكىء على الاسلام كمبرر لا تسلّم به ولا تركن اليه...؟!
سيقول احدهم: ما بال هذه الكاتبة تشن حملتها اليوم على الجماعات الاسلامية التي تستعيد مجد الفتوحات الاسلامية بهذه الحدة وذاك الانحياز، ألم تشهد المجازر التي ارتكبها مسيحيو العالم في حق المسلمين في: بورما، ميانمار، مالي، نيجيريا وغيرها وغيرها؟
لا انفي احقية هذا السؤال، ولكن محافظة على منطق الاجابة بدوري اسأل ما دخل المسيحيين في الحسكة، ومعلولا، ودير عطية، ووادي النصارى، والرقة وغيرها؟ هل الثأر من اولئك يكون بهؤلاء، واذا كان لا بد من الثار حقاً واذا كان الجهاد في سبيل الله ودينه وسيلة للوصول الى "الحور العين" كغاية، فليتفق المجاهدون ويتوجهوا الى ارض المجازر التي تمت هناك في عقر دارهم ليبنوا قصاصهم على المذنبين، وليتركوا المدنيين في امنهم وامانهم كحق مقدس لا يمكن المساس او اللعب فيه، كما يحصل اليوم من انتقامات بحق المدنيين الشيعة في لبنان بحجة تدخّل "حزب الله" في الحرب السورية الدائرة، وهنا ايضاً ينبغي ان يكون الحضّ على الجهاد في ارض المعركة حتى يحتفظ بمسمى الجهاد، لأن الفتك بأمن المدنيين وأمانهم لا يندرجان الا تحت مسمى الغدر والخسّة الذي ينهى عنهما الاسلام ويتبرّأ.
أعلم انه كان بمقدور الكلمة ان تُسمِعَ صداها لو نادت حياً من هؤلاء السفلة التكفيريين، لكن هؤلاء اموات في ضمائرهم، اموات في "وجداناتهم"، أموات في أرواحهم، أموات في عقولهم، أموات في قراراتهم، وقناعاتهم، ومبادئهم، وعقائدهم، وخياراتهم، أموات في كل شيء كما الجثث وثمة من يتحكم بها لأنها كما فزّاعات الطيور لا تملك من أمرها شيئاً، تنتظر فيما تنتظر مراسم الدفن إن وُجدت، فهؤلاء يقضون بلا مراسم وبلا هيئات، بل مجرد اشلاء فجّرها الحقد والضغائن والإجرام، لتصل بأقصر درب الى جهنم وبئس المصير بعدما ينتبهون الى الخدعة التي انساقوا اليها كالأغنام، ولكن بعد فوات الاوان، لهذا على جميع المسلمين الحقيقيين في سوريا ان يتّخذوا موقفاً واضحاً وعلنياً من هؤلاء الكفرة، وعليهم ان ينطلقوا في مظاهرة حاشدة في كل من بيروت ودمشق لإسقاط مزاعم هؤلاء الكفرة لسحب الثقة الكاملة في ممارساتهم الجنونية سواء بحق المسيحيين او المدنيين الشيعة، ولا بد من الاعتذار علناً من المسيحيين في سوريا الذين تربطنا بهم اواصر الاخوة الحقيقية والمصير.



Envoyé de mon Ipad 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Bienvenu